السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تجعل قلبك كالإسفنجة
نصيحة قدمها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – لأشهر
تلاميذه، وهو ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى – فنعم الناصح ونعم المنصوح.
يقول ابن القيم عن هذه النصيحة: "ما أعلم أني انتفعت بوصية
في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك" (مفتاح دار السعادة، 1/ 443)
، مع أنه قد تلقى عن شيخه عشرات بل مئات الوصايا، كما
هو واضح لمن تتبّع ذلك في كتبه، لكن هذه الوصية كان لها شأن
آخر في حياة ابن القيم ومنهجه، وقد مرّ بتجارب متنوعة - سطر
خلاصتها في نونيته - فأنقذه الله من شبهات أهل الأهواء
الذين وقع في شباكهم بتتلمُذهِ على شيخ الإسلام وملازمته له.
يقول ابن القيم في عرضه لهذه الوصية: "قال لي شيخ الإسلام -
رضي الله عنه- وقد جعلت أورد عليه إيراد بعد إيراد: لا تجعل
قلبك للإيرادات والشبهات مثل الاسفنجة، فيتشربها؛ فلا ينضح إلا
بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا
تستقر فيها، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أَشربت
قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقراً للشبهات، أو كما قال"
(مفتاح دار السعادة، 1/ 443).
خلاصة الوصية عند ورود الشبهات والمقالات التي لا تعرف مصدرها هي:
1- لا تجعل قلبك مثل الاسفنجة؛ أي: يتشربها ولا ينضح إلا بها.
2- واجعله كالزجاجة المصمتة؛ أي: يرها بصفائه ويدفعها بصلابته
إن سؤال المسلم الهداية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿٦﴾ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6-7]. يكرره في اليوم
والليلة أكثر من سبع عشرة مرة، وأصل الهداية هداية القلوب لأن
القلب سيد البدن، كما أن أساس الضلالة - عياذاً بالله - غواية
القلوب وضلالها وانحرافها، فجاءت هذه الوصية الغالية من
شيخ الإسلام، والتي تقول خلاصتها: "لا تجعل قلبك للشبهات
مثل الإسفنجة، فيتشربها ولا ينضح إلا بها".
فما وجه تشبيه هذا النوع من القلوب بالإسفنجة؟
1- يلاحظ الشبه بينهما من ناحية التكوين؛ فكل منهما رقيق ليّن
ليس في داخله صلابة من عظام ونحوها.
2- أن الإسفنجة معروفة بطبعها، فهي تمتص كل سائل؛ فإن
أدخلتها طيّباً: من ماء عذب أو لبن أو شراب، فإنها تمتصه كما
أنك إن أدخلتها في ماء عفن أو بول أو نجس كخمر ونحوه، فإنها تمتصه أيضاً.
3- أن الإسفنجة إذا امتصت السائل فلا بد أن تنضح بما فيها،
حيث يخرج منها القطرات بل أكثر من ذلك إذا ضغط عليها ولو
بقليل من القوة وقلّما تحتفظ بما فيها حتى ينشف، ولو نشفت لما
أقبح ما فيها إن كان ما امتصته من المجاري وأشباهها!!
4- أن الإسفنجة متى ما اعتادت امتصاص العفن، تحولت هي إلى
عفن، فلا ينفع معها تنظيف ولا غسل.
وكذلك القلوب فهي:
أولاً: رقيقة لأنها موطن الإرادة والحب والبُغض والمحبة والكُره،
وهي موطن أعمال القلوب - من خوفٍ، ورجاءٍ، ومحبةٍ وإنابةٍ،
وإخلاصٍ، وصدقٍ، وتوبةٍ، وتوحيدٍ، وتوكلٍ وغيرها - ولذا فهي
تابعة لمن خضعت له:
أ- فإن انقادت لمولاها وسيدها ومالكها بتوحيده والتوكل عليه
وحده لا شريك له وبمحبته ورجائه وخوفه وسائر أعمال القلوب فقد اتصفت
بصفتين عظيمتين:
إحداهما: كمال الافتقار لمولاها، فهي لا تستغني عنه لحظة من
ليلٍ أو نهارٍ مع كمال الانقياد والطاعة فهي تقود أبدانها إلى
مولاها بالاستجابة التامة، بفعل الأوامر واجتناب النواهي، فإن أذنب
العبد فهي لرقتها تبادر إلى التوبة والاستغفار والحسنات الماحيات.
والأخرى: كما القوة في الحق، والنفور من الباطل - شبهات
وشهوات - وسبب ذلك أن قوتها بالله عبادةً واستعانةً وتوكلاً،
وهذا من عجيب أحوال قلوب المؤمنين الصادقين، حيث تجدها أعظم
ما تكون رقّة ورحمة وأقوى ما تكون صلابة في الحق ونفوراً من
الباطل وشجاعة في الدفاع عن الدين الحق وأهله، والموالاة
لهم، وردّ الباطل وأهله والبراءة منهم ومن أعمالهم؛ فهي في
الإيمان لا تخاف لومة لائمٍ.
ب - وإن انقادت القلوب -عياذاً بالله- إلى غير الله من نفسٍ أمّارة
أو هوى أو شيطان، وتمثل ذلك في معبود غير الله، أو تعلق بجاه
أو دنيا أو شهوة قُدمت على عبادة الله، وطاعته، تحولت
القلوب إلى محبة وخضوع لذلك المعبود من دون الله وصارت
على الضد من صفات المؤمنين.
- فهي قاسية في عبادة الله وطاعته والانقياد له حتى تكون
كالحجارة أو أشد قسوة.
- وهي ذليلة رقيقة خاضعة لمن مالت إليه، فيها من الضّعة
والاستكانة والحقارة والعبودية لذلك المعبود من دون الله ما لا
يكاد يصدقه الإنسان السوي.
ثانياً: هي -أي: القلوب - بحسب ما تُحمل وتُربى عليه؛ فإن
حُملت على حبّ الحق والاستجابة له والنفور من الباطل
والشبهات، أما إن تركت مرتعاً لكلّ عارضٍ مما يعرض لها، تتقبله من غير
تمييز فإنها تكون عُرضةً للخطرات والوساوس التي يلقيها
شياطين الإنس والجن، فتصبح مرتعاً للشبهات فتصير كالسفنجة
التي حذر منها شيخ الإسلام، تمتص الشبهات وربما تنضح، وتصبح
مريضة بذلك.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
لا تجعل قلبك كالإسفنجة
نصيحة قدمها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – لأشهر
تلاميذه، وهو ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى – فنعم الناصح ونعم المنصوح.
يقول ابن القيم عن هذه النصيحة: "ما أعلم أني انتفعت بوصية
في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك" (مفتاح دار السعادة، 1/ 443)
، مع أنه قد تلقى عن شيخه عشرات بل مئات الوصايا، كما
هو واضح لمن تتبّع ذلك في كتبه، لكن هذه الوصية كان لها شأن
آخر في حياة ابن القيم ومنهجه، وقد مرّ بتجارب متنوعة - سطر
خلاصتها في نونيته - فأنقذه الله من شبهات أهل الأهواء
الذين وقع في شباكهم بتتلمُذهِ على شيخ الإسلام وملازمته له.
يقول ابن القيم في عرضه لهذه الوصية: "قال لي شيخ الإسلام -
رضي الله عنه- وقد جعلت أورد عليه إيراد بعد إيراد: لا تجعل
قلبك للإيرادات والشبهات مثل الاسفنجة، فيتشربها؛ فلا ينضح إلا
بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا
تستقر فيها، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أَشربت
قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقراً للشبهات، أو كما قال"
(مفتاح دار السعادة، 1/ 443).
خلاصة الوصية عند ورود الشبهات والمقالات التي لا تعرف مصدرها هي:
1- لا تجعل قلبك مثل الاسفنجة؛ أي: يتشربها ولا ينضح إلا بها.
2- واجعله كالزجاجة المصمتة؛ أي: يرها بصفائه ويدفعها بصلابته
إن سؤال المسلم الهداية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿٦﴾ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6-7]. يكرره في اليوم
والليلة أكثر من سبع عشرة مرة، وأصل الهداية هداية القلوب لأن
القلب سيد البدن، كما أن أساس الضلالة - عياذاً بالله - غواية
القلوب وضلالها وانحرافها، فجاءت هذه الوصية الغالية من
شيخ الإسلام، والتي تقول خلاصتها: "لا تجعل قلبك للشبهات
مثل الإسفنجة، فيتشربها ولا ينضح إلا بها".
فما وجه تشبيه هذا النوع من القلوب بالإسفنجة؟
1- يلاحظ الشبه بينهما من ناحية التكوين؛ فكل منهما رقيق ليّن
ليس في داخله صلابة من عظام ونحوها.
2- أن الإسفنجة معروفة بطبعها، فهي تمتص كل سائل؛ فإن
أدخلتها طيّباً: من ماء عذب أو لبن أو شراب، فإنها تمتصه كما
أنك إن أدخلتها في ماء عفن أو بول أو نجس كخمر ونحوه، فإنها تمتصه أيضاً.
3- أن الإسفنجة إذا امتصت السائل فلا بد أن تنضح بما فيها،
حيث يخرج منها القطرات بل أكثر من ذلك إذا ضغط عليها ولو
بقليل من القوة وقلّما تحتفظ بما فيها حتى ينشف، ولو نشفت لما
أقبح ما فيها إن كان ما امتصته من المجاري وأشباهها!!
4- أن الإسفنجة متى ما اعتادت امتصاص العفن، تحولت هي إلى
عفن، فلا ينفع معها تنظيف ولا غسل.
وكذلك القلوب فهي:
أولاً: رقيقة لأنها موطن الإرادة والحب والبُغض والمحبة والكُره،
وهي موطن أعمال القلوب - من خوفٍ، ورجاءٍ، ومحبةٍ وإنابةٍ،
وإخلاصٍ، وصدقٍ، وتوبةٍ، وتوحيدٍ، وتوكلٍ وغيرها - ولذا فهي
تابعة لمن خضعت له:
أ- فإن انقادت لمولاها وسيدها ومالكها بتوحيده والتوكل عليه
وحده لا شريك له وبمحبته ورجائه وخوفه وسائر أعمال القلوب فقد اتصفت
بصفتين عظيمتين:
إحداهما: كمال الافتقار لمولاها، فهي لا تستغني عنه لحظة من
ليلٍ أو نهارٍ مع كمال الانقياد والطاعة فهي تقود أبدانها إلى
مولاها بالاستجابة التامة، بفعل الأوامر واجتناب النواهي، فإن أذنب
العبد فهي لرقتها تبادر إلى التوبة والاستغفار والحسنات الماحيات.
والأخرى: كما القوة في الحق، والنفور من الباطل - شبهات
وشهوات - وسبب ذلك أن قوتها بالله عبادةً واستعانةً وتوكلاً،
وهذا من عجيب أحوال قلوب المؤمنين الصادقين، حيث تجدها أعظم
ما تكون رقّة ورحمة وأقوى ما تكون صلابة في الحق ونفوراً من
الباطل وشجاعة في الدفاع عن الدين الحق وأهله، والموالاة
لهم، وردّ الباطل وأهله والبراءة منهم ومن أعمالهم؛ فهي في
الإيمان لا تخاف لومة لائمٍ.
ب - وإن انقادت القلوب -عياذاً بالله- إلى غير الله من نفسٍ أمّارة
أو هوى أو شيطان، وتمثل ذلك في معبود غير الله، أو تعلق بجاه
أو دنيا أو شهوة قُدمت على عبادة الله، وطاعته، تحولت
القلوب إلى محبة وخضوع لذلك المعبود من دون الله وصارت
على الضد من صفات المؤمنين.
- فهي قاسية في عبادة الله وطاعته والانقياد له حتى تكون
كالحجارة أو أشد قسوة.
- وهي ذليلة رقيقة خاضعة لمن مالت إليه، فيها من الضّعة
والاستكانة والحقارة والعبودية لذلك المعبود من دون الله ما لا
يكاد يصدقه الإنسان السوي.
ثانياً: هي -أي: القلوب - بحسب ما تُحمل وتُربى عليه؛ فإن
حُملت على حبّ الحق والاستجابة له والنفور من الباطل
والشبهات، أما إن تركت مرتعاً لكلّ عارضٍ مما يعرض لها، تتقبله من غير
تمييز فإنها تكون عُرضةً للخطرات والوساوس التي يلقيها
شياطين الإنس والجن، فتصبح مرتعاً للشبهات فتصير كالسفنجة
التي حذر منها شيخ الإسلام، تمتص الشبهات وربما تنضح، وتصبح
مريضة بذلك.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
الإثنين ديسمبر 01, 2014 4:10 am من طرف heba suleiman
» ماجستير إدارة العلاقات العامة المهني المصغر 1 – 10 مارس 2014 م - كوالالمبور - ماليزيا
الأحد ديسمبر 29, 2013 5:42 am من طرف heba suleiman
» فوائــــــــــــــــد الشاي الاخضـــــــــــــــر
الثلاثاء مارس 01, 2011 12:07 pm من طرف ابن السنة
» علاج سرعة القذف ، القذف المبكر ، القذف السريع
الثلاثاء مارس 01, 2011 11:36 am من طرف ابن السنة
» أختي المسلمة :
الخميس فبراير 17, 2011 9:40 am من طرف huda
» الشكـــــــر
الثلاثاء فبراير 15, 2011 12:22 pm من طرف huda
» يارب اصلح نياتنا وسرائرنا
الثلاثاء فبراير 15, 2011 12:17 pm من طرف huda
» أخــــــــــتاه لماذا تبكين؟
الثلاثاء فبراير 15, 2011 9:28 am من طرف huda
» زلـــة لســـــآن ..تفقـــدك إنســــآن
الثلاثاء فبراير 15, 2011 9:20 am من طرف huda