رفضاً لحب الذات وعشقاً لخير الآخرة
* محمد حسين فضل الله
على الإنسان ألّا يعشق نفسه، إنَّما عليه أن يركّز نفسه ويستحضر الآخرة، حتى يعرف أنّه ليس إنساناً يتعبّد لنفسه، وإنَّما يتعبّد لربه ويقدّم حسابه إليه (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا) (الفرقان/ 21) هم يطلبون اللقاءَ بالملائكة، وسيلتقون بهم يوماً، ولكن لن يكون هذا اللقاء سعيداً (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا) (الفرقان/ 22) دور الملائكة أن يحملوا البشرى للمؤمنين (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت/ 30) هذا بالنسبة للمؤمنين المتقين، أما المجرمون (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا) فلهم في الآخرة سجن النار يُسجنون فيه (وَقَدمنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) (الفرقان/ 23) وكان ذلك لأنَّ عملهم لم يكن مرتكزاً على الإيمان، وأيُّ عمل لا يرتكز على قاعدة الإيمان فهو عملٌ لا ثباتَ له، تماماً كالأشياء التي تتطاير في الهواء.
أما أصحاب الجنّة (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) (الفرقان/ 24) فلهم في الجنّة أمكنة للقيلولة والراحة والاستقرار. ثم يحدثنا الله تعالى عن يوم القيامة (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا) (الفرقان/ 25) تشقّق السماء بالغمام أي بالسحاب الأبيض، ويتولّى كل فردٍ من الملائكة دوره، ويقوم بوظيفته بأمر من الله سبحانه (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا) (الفرقان/ 26) وكلمة الرحمن هنا تعني أنَّ مُلك الله لا يبتعد عن رحمته، وأنّ سيطرته لا تبتعد عن رحمته، وفي هذا اليوم، كانت الصعوبة والمشقة والعُسر على الكافرين، لأنهم خرجوا من رحمته وأنكروا قدرته وقطعوا كلَّ علاقة به سبحانه.
وفي هذا اليوم أيضاً يحدثنا سبحانه عن موقف الظالمين، الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا) (الفرقان/ 27-28) وهذه الآيات تحدثنا عن الصداقات التي تضلّنا وتنحرف بنا عن السبيل وتبتعد بنا عن الله، فتزيّن لنا المعصية وتقبّح لنا الطاعة... والظالم في ذلك الموقف العظيم يتساءل: كيف صادقت وصاحبت فلاناً، وكيف قاطعت فلانا، وكيف استغلَّ فلانٌ نقاط ضعفي وحرّك غرائزي وأنساني اللهَ تعالى؟ (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا) (الفرقان/ 28-29) سواء كان الشيطان، شيطانَ الإنس أو الجن.
وما تزال عندنا بقيةٌ من عمر، التوبة ممكنة، والتراجع ممكن، تغيير الواقع ممكن، والإنسان لا يملك إلّا نفسه (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (عبس/ 34-37) هناك مجالٌ لأن نتوب ونصحّح، وندرس أصدقاءنا، فقد يكون بعض أصدقائنا أعداءَنا، قد يكونون أصدقاء الشهوات، ولكنّهم أعداء المبادئ والطاعات وأعداء المصير.. علينا أن نعيد النظر في ذلك كلِّه حتى نحدّد لأنفسنا طريق الجنّة لنعرف كيف نسلكه.
المصدر: كتاب من عرفان القرآن
* محمد حسين فضل الله
على الإنسان ألّا يعشق نفسه، إنَّما عليه أن يركّز نفسه ويستحضر الآخرة، حتى يعرف أنّه ليس إنساناً يتعبّد لنفسه، وإنَّما يتعبّد لربه ويقدّم حسابه إليه (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا) (الفرقان/ 21) هم يطلبون اللقاءَ بالملائكة، وسيلتقون بهم يوماً، ولكن لن يكون هذا اللقاء سعيداً (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا) (الفرقان/ 22) دور الملائكة أن يحملوا البشرى للمؤمنين (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت/ 30) هذا بالنسبة للمؤمنين المتقين، أما المجرمون (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا) فلهم في الآخرة سجن النار يُسجنون فيه (وَقَدمنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) (الفرقان/ 23) وكان ذلك لأنَّ عملهم لم يكن مرتكزاً على الإيمان، وأيُّ عمل لا يرتكز على قاعدة الإيمان فهو عملٌ لا ثباتَ له، تماماً كالأشياء التي تتطاير في الهواء.
أما أصحاب الجنّة (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) (الفرقان/ 24) فلهم في الجنّة أمكنة للقيلولة والراحة والاستقرار. ثم يحدثنا الله تعالى عن يوم القيامة (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا) (الفرقان/ 25) تشقّق السماء بالغمام أي بالسحاب الأبيض، ويتولّى كل فردٍ من الملائكة دوره، ويقوم بوظيفته بأمر من الله سبحانه (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا) (الفرقان/ 26) وكلمة الرحمن هنا تعني أنَّ مُلك الله لا يبتعد عن رحمته، وأنّ سيطرته لا تبتعد عن رحمته، وفي هذا اليوم، كانت الصعوبة والمشقة والعُسر على الكافرين، لأنهم خرجوا من رحمته وأنكروا قدرته وقطعوا كلَّ علاقة به سبحانه.
وفي هذا اليوم أيضاً يحدثنا سبحانه عن موقف الظالمين، الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا) (الفرقان/ 27-28) وهذه الآيات تحدثنا عن الصداقات التي تضلّنا وتنحرف بنا عن السبيل وتبتعد بنا عن الله، فتزيّن لنا المعصية وتقبّح لنا الطاعة... والظالم في ذلك الموقف العظيم يتساءل: كيف صادقت وصاحبت فلاناً، وكيف قاطعت فلانا، وكيف استغلَّ فلانٌ نقاط ضعفي وحرّك غرائزي وأنساني اللهَ تعالى؟ (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا) (الفرقان/ 28-29) سواء كان الشيطان، شيطانَ الإنس أو الجن.
وما تزال عندنا بقيةٌ من عمر، التوبة ممكنة، والتراجع ممكن، تغيير الواقع ممكن، والإنسان لا يملك إلّا نفسه (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (عبس/ 34-37) هناك مجالٌ لأن نتوب ونصحّح، وندرس أصدقاءنا، فقد يكون بعض أصدقائنا أعداءَنا، قد يكونون أصدقاء الشهوات، ولكنّهم أعداء المبادئ والطاعات وأعداء المصير.. علينا أن نعيد النظر في ذلك كلِّه حتى نحدّد لأنفسنا طريق الجنّة لنعرف كيف نسلكه.
المصدر: كتاب من عرفان القرآن
الإثنين ديسمبر 01, 2014 4:10 am من طرف heba suleiman
» ماجستير إدارة العلاقات العامة المهني المصغر 1 – 10 مارس 2014 م - كوالالمبور - ماليزيا
الأحد ديسمبر 29, 2013 5:42 am من طرف heba suleiman
» فوائــــــــــــــــد الشاي الاخضـــــــــــــــر
الثلاثاء مارس 01, 2011 12:07 pm من طرف ابن السنة
» علاج سرعة القذف ، القذف المبكر ، القذف السريع
الثلاثاء مارس 01, 2011 11:36 am من طرف ابن السنة
» أختي المسلمة :
الخميس فبراير 17, 2011 9:40 am من طرف huda
» الشكـــــــر
الثلاثاء فبراير 15, 2011 12:22 pm من طرف huda
» يارب اصلح نياتنا وسرائرنا
الثلاثاء فبراير 15, 2011 12:17 pm من طرف huda
» أخــــــــــتاه لماذا تبكين؟
الثلاثاء فبراير 15, 2011 9:28 am من طرف huda
» زلـــة لســـــآن ..تفقـــدك إنســــآن
الثلاثاء فبراير 15, 2011 9:20 am من طرف huda