السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرض النفاق ،،،, أسأل الله ان يجيرنا وإياكم منه .
أطلق بعض العلماء لفظ " الزنديق " على المنافق .
قال ابن تيمية : ولما كثرت الأعاجم في المسلمين تكلموا بلفظ الزنديق، وشاعت في لسان الفقهاء، وتكلم الناس في الزنديق هل تقبل توبته ؟ والمقصود هنا أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء هو المنافق الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يظهر الإسلامَ ويبطن غيرَه، سواء أبطن دينا من الأديان كدين اليهود والنصارى أو غيرهم، أو كان معطّلاً جاحداً للصانع والمعاد والأعمال الصالحة .
وقال ابن كثير : النفاق هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع : إعتقادي وهو الذي يخلد صاحبه في النار، وعملي وهو من أكبر الذنوب .
وقال إبن رجب : والنفاق في الشرع ينقسم إلى قسمين :
أحدهما: النفاق الأكبر، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بذمّ أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار .
الثاني : النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك .
وحاصل الأمر أن النّفاق الأصغر كلَّه يرجع إلى اختلاف السريرة والعلانية، قال الحسن : من النفاق إختلاف القلب واللسان، وإختلاف السر والعلانية، وإختلاف الدخول والخروج .
وقال : ومن أعظم خصال النّفاق العملي أن يعمل الإنسان عملا ويظهر أنه قصد به الخير وإنما عمله ليتوصّل به إلى غرض له سيئ، فيتمّ له ذلك، ويتوصّل بهذه الخديعة إلى غرضه، ويفرح بمكره وخداعه وحمد الناس له على ما أظهره، ويتوصّل به إلى غرضه السيئ الذي أبطنه .
وقال في معرض بيان خطورة هذا النفاق : والنفاق الأصغر وسيلة وذريعة إلى النفاق الأكبر، كما أن المعاصي بريد الكفر، فكما يُخشى على من أصرّ على المعصية أن يسلَبَ الإيمانَ عند الموت كذلك يخشى على من أصرّ على خصال النفاق أن يسلَب الإيمان، فيصير منافقا خالصا .
أركان النفاق :
قال ابن القيم: زرع النفاق ينبت على ساقيتين : ساقية الكذب، وساقية الرياء، ومخرجهما من عينين : عين ضعف البصيرة، وعين ضعف العزيمة، فإذا تمت هذه الأركان الأربعة استحكم نبات النفاق وبنيانه، ولكنه بمدارج السيول على شفا جرف هار، فإذا شاهدوا سيل الحقائق يوم تبلى السرائر وكشف المستور وبعثر ما في القبور وحصّل ما في الصدور تبيّن حينئذ لمن كانت بضاعته النفاق أن حواصله التي حَصَّلها كانت كالسراب .
ذمّ النفاق في الكتاب والسنة :
قال ابن القيم : كاد القرآن أن يكونَ كلّه في شأنهم؛ لكثرتهم على ظهر الأرض وفي أجواف القبور .
قال الله تعالى ( هُم العدو فأحذرهم قاتلهم الله أنّا يؤفكون )
قال الطبري: يقول الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم ( هُم العدو ) يا محمد ( فأحذرهم ) فإن ألسنتهم إذا لقوكم معكم، وقلوبهم عليكم مع أعدائكم، فهم عين لأعدائكم عليكم .
وقال : قد هتك الله سبحانه أستار المنافقين، وكشف أسرارهم في القرآن، وجلَّى لعباده أمورهم؛ ليكونوا منها ومن أهلها على حذر، وذكر طوائفَ العالم الثلاثة في أوّل سورة البقرة: المؤمنين والكفار والمنافقين، فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية؛ لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم، وشدّة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإنّ بلية الإسلام بهم شديدة جدًا؛ لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كلّ قالب يظنّ الجاهل أنه عِلْم وإصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد، فلِلّه كم من معقَل للإسلام قد هدموه، وكم من حِصن له قد قلعوا أساسه وخرّبوه، وكم من عَلَم له قد طمسوه، وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه، وكم ضربوا بمعاول الشُّبه في أصول غراسه ليقلعوها، وكم عَمُّوا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبليّة، ولا يزال يطرقه من شبههم سَرِيَّةُ بعد سريّة، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون ( ألا إنهم هُم المفسدون ولكن لايشعرون ) وقال الله تعالى ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا )
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة "
وعن عبد الله بن كعب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" مثل المؤمن كالخامة من الزرع، تفيؤها الريح مرة وتعدلها مرة، ومثل المنافق كالأرزة، لا تزال حتى يكون انجعافها مرّة واحدة "
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن أخوف ما أخاف على أمتي كلّ منافق عليم اللسان "
وعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من سفر، فلما كان قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الراكب، فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" بعثت هذه الريح لموت منافق ! فلما قدم المدينةَ فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات "
خوف السّلف من النفاق :
عن حذيفة رضي الله عنه قال: دُعي عمر لجنازة فخرج فيها أو يريدها، فتعلّقتُ به فقلتُ: أجلس يا أمير المؤمنين، فإنّه من أولئك ـ أي: من المنافقين ـ، فقال: نشدتك الله، أنا منهم؟ قال: لا، ولا أبرئ أحدا بعدك .
وقال ابن أبي مليكة: أدركتُ ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل .
صفات المنافقين في الكتاب والسنة :
قال ابن القيم : لكل منهم وجهان: وجه يلقى به المؤمنين، ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين، وله لسانان: أحدهما يقبله بظاهره المسلمون، والآخر يترجم به عن سرّه المكنون .
أيضاً من صفاتهم التفريق بين المؤمنين والدّسّ والوقيعة وإشعال نار الفتنة واستغلال الخلافات وتوسيع شقّتها والإفساد في الأرض وادعاء الإصلاح .
التّذبذب والتردّد بين المؤمنين والكافرين ،قال الله تعالى ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء )
الإفساد بين المؤمنين ،قال الله تعالى ( لو خرجوا فيكم مازادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليمٌ بالظالمين )
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر "
البذاء والبيان ،عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" الحياء والعِيّ شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق "
موقف المسلم من المنافقين :
عدم طاعتهم :
قال الله تعالى ( يا أيها النبي إتق الله ولا تُطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيما )
سبل الوقاية من النفاق :
الإتصاف بصفات أهل الإيمان وترك صفات أهل النفاق .
الجهاد في سبيل الله .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من مات ولم يغز ولم يحدّث به نفسه مات على شعبة من نفاق "
كثرة ذكر الله تعالى .
الدعاء .
عن جبير بن نفير قال : دخلت على أبي الدرداء منزله بحمص، فإذا هو قائم يصلي في مسجده، فلما جلس يتشهد جعل يتعوذ بالله من النفاق، فلما انصرف قلت: غفر الله لك يا أبا الدرداء، ما أنت والنفاق؟ قال: اللهم غفرًا ـ ثلاثا ـ، من يأمن البلاء؟! من يأمن البلاء؟! والله إن الرجل ليفتتن في ساعة فينقلب عن دينه.
حبّ الأنصار .
عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار .
حب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وحبّ بني هاشم .
قال ابن تيمية : قال بعض السلف: حبّ أبي بكر وعمر إيمان، وبغضهما نفاق، وحبّ بنى هاشم إيمان، وبغضهم نفاق .
الإتصاف التام بالصدق في الأمر كله .
قال ابن تيمية : الصفة الفارقة بين المؤمن والمنافق هو الصدق، فإن أساس النفاق الذي بني عليه الكذب .
ترك البدع والحدث في الدين .
قال ابن تيمية : البدع مظانّ النفاق، كما أنّ السنن شعائر الإيمان .
البعد عن سماع الغناء .
وسماع الغناء في الأصل محرم، ومع ذلك فإنه يؤثّر النفاق في القلب ،قال ابن مسعود رضي الله عنه : الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل .
قال ابن القيم : وهذا كلام عارفٍ بأثر الغناء وثمرته، فإنه ما اعتاده أحد إلا نافق قلبه وهو لا يشعر، ولو عرف حقيقة النفاق وغايته لأبصره في قلبه، فإنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن إلا طردت إحداهما الأخرى، وقد شاهدنا نحن وغيرنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه، وتبرمهم به، وصياحهم بالقارئ إذا طوّل عليهم، وعدم انتفاع قلوبهم بما يقرؤه، فلا تتحرك ولا تطرب ولا تهيج منها بواعث الطلب، فإذا جاء قرآن الشيطان فلا إله إلا الله كيف تخشع منهم الأصوات، وتهدأ الحركات، وتسكن القلوب وتطمئنّ، ويقع البكاء والوجد، والحركة الظاهرة والباطنة، والسماحة بالأثمان والثياب، وطيب السهر، وتمني طول الليل، فإن لم يكن هذا نفاقا فهو آخية النفاق وأساسه .
وقال أيضاً : فإن أساس النفاق أن يخالف الظاهر الباطن، وصاحب الغناء بين أمرين؛ إما أن يتهتك فيكون فاجرا، أو يظهر النسك فيكون منافقا، فإنه يظهر الرغبة في الله والدار الآخرة، وقلبه يغلي بالشهوات، ومحبة ما يكرهه الله ورسوله من أصوات المعازف وآلات اللهو، وما يدعو إليه الغناء ويهيّجه، فقلبه بذلك معمور، وهو من محبة ما يحبه الله ورسوله وكراهة ما يكرهه قفر، وهذا محض النفاق .
الشاهد من هذا الموضوع أن الخيانة والكذب والغدر والفجور من علامات المنافق ، كما أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :" أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر "
وهي علامات تدل على مدى إنحطاط المنافق في أخلاقه ، فهو غير صادق مع نفسه ، غير صادق مع من يعامله من الناس ، ولعل سبب تسمية النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأخلاق نفاقا ، هو أن صاحبها يشبه أهل النفاق في إظهار خلاف ما يبطن ، فهو يدعي الصدق وهو يعلم أنه كاذب ، ويدعي الأمانة وهو يعلم أنه خائن ، ويدعي المحافظة على العهد وهو غادر به ، ويرمي خصومه بالافتراءات وهو يعلم أنه فاجر فيها ، فأخلاقه كلها مبنية على التدليس والخداع ، ويخشى على من كانت هذه حاله أن يبتلى بالنفاق الأكبر ، ذلك أن النفاق العملي - وإن كان من جملة الذنوب التي لا تخرج العبد من الملة - إلا أنه إذا استحكم بالعبد وحوَّل سلوكه إلى حالة من الخداع والتلون المستمر ، فربما بلغ به إلى معاملة ربه بما يعامل به خلقه ، فينزع من قلبه الإيمان ويبدله نفاقاً ، عقوبة منه وزجراً ، قال تعالى ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) لهذا كان الصحابة من أشدِّ الناس حرصاً وأعظمهم بعداً عن هذه الأخلاق خشية أن يشملهم ذلك الوصف المشين ، ويذكر عن الحسن قوله عن النفاق : ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق . وقال إبراهيم التيمي : ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا .
هذا هو النفاق العملي ، وهذه هي أخطاره ، فهو يقضي على الروابط الاجتماعية الصادقة ، ويدير دفة العلاقات العامة على بوصلة الخداع والتلبيس والغش والكذب ، فتنعدم الثقة بين الناس ، وتنحسر المودة في تعاملاتهم ، ويسود الحذر والحيطة بل والشك والريبة لتحل محل الثقة والأمانة ، وقد انتشرت تلك الأخلاق السيئة انتشاراً عظيما ، حتى قال الحسن البصري رحمه الله : لو كان للمنافقين أذناب لضاقت بكم الطرق . ، وهذا قاله في زمنه زمن التابعين فكيف لو رأى زماننا ماذا سوف يقول ؟؟؟؟
أسأل الله لي ولكم الهداية وأن يبعدنا عن النفاق والكذب والخيانة وأن يكفينا كيد الخائنين المنافقين الكاذبين .
مرض النفاق ،،،, أسأل الله ان يجيرنا وإياكم منه .
أطلق بعض العلماء لفظ " الزنديق " على المنافق .
قال ابن تيمية : ولما كثرت الأعاجم في المسلمين تكلموا بلفظ الزنديق، وشاعت في لسان الفقهاء، وتكلم الناس في الزنديق هل تقبل توبته ؟ والمقصود هنا أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء هو المنافق الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يظهر الإسلامَ ويبطن غيرَه، سواء أبطن دينا من الأديان كدين اليهود والنصارى أو غيرهم، أو كان معطّلاً جاحداً للصانع والمعاد والأعمال الصالحة .
وقال ابن كثير : النفاق هو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع : إعتقادي وهو الذي يخلد صاحبه في النار، وعملي وهو من أكبر الذنوب .
وقال إبن رجب : والنفاق في الشرع ينقسم إلى قسمين :
أحدهما: النفاق الأكبر، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بذمّ أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار .
الثاني : النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك .
وحاصل الأمر أن النّفاق الأصغر كلَّه يرجع إلى اختلاف السريرة والعلانية، قال الحسن : من النفاق إختلاف القلب واللسان، وإختلاف السر والعلانية، وإختلاف الدخول والخروج .
وقال : ومن أعظم خصال النّفاق العملي أن يعمل الإنسان عملا ويظهر أنه قصد به الخير وإنما عمله ليتوصّل به إلى غرض له سيئ، فيتمّ له ذلك، ويتوصّل بهذه الخديعة إلى غرضه، ويفرح بمكره وخداعه وحمد الناس له على ما أظهره، ويتوصّل به إلى غرضه السيئ الذي أبطنه .
وقال في معرض بيان خطورة هذا النفاق : والنفاق الأصغر وسيلة وذريعة إلى النفاق الأكبر، كما أن المعاصي بريد الكفر، فكما يُخشى على من أصرّ على المعصية أن يسلَبَ الإيمانَ عند الموت كذلك يخشى على من أصرّ على خصال النفاق أن يسلَب الإيمان، فيصير منافقا خالصا .
أركان النفاق :
قال ابن القيم: زرع النفاق ينبت على ساقيتين : ساقية الكذب، وساقية الرياء، ومخرجهما من عينين : عين ضعف البصيرة، وعين ضعف العزيمة، فإذا تمت هذه الأركان الأربعة استحكم نبات النفاق وبنيانه، ولكنه بمدارج السيول على شفا جرف هار، فإذا شاهدوا سيل الحقائق يوم تبلى السرائر وكشف المستور وبعثر ما في القبور وحصّل ما في الصدور تبيّن حينئذ لمن كانت بضاعته النفاق أن حواصله التي حَصَّلها كانت كالسراب .
ذمّ النفاق في الكتاب والسنة :
قال ابن القيم : كاد القرآن أن يكونَ كلّه في شأنهم؛ لكثرتهم على ظهر الأرض وفي أجواف القبور .
قال الله تعالى ( هُم العدو فأحذرهم قاتلهم الله أنّا يؤفكون )
قال الطبري: يقول الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم ( هُم العدو ) يا محمد ( فأحذرهم ) فإن ألسنتهم إذا لقوكم معكم، وقلوبهم عليكم مع أعدائكم، فهم عين لأعدائكم عليكم .
وقال : قد هتك الله سبحانه أستار المنافقين، وكشف أسرارهم في القرآن، وجلَّى لعباده أمورهم؛ ليكونوا منها ومن أهلها على حذر، وذكر طوائفَ العالم الثلاثة في أوّل سورة البقرة: المؤمنين والكفار والمنافقين، فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية؛ لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم، وشدّة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإنّ بلية الإسلام بهم شديدة جدًا؛ لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كلّ قالب يظنّ الجاهل أنه عِلْم وإصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد، فلِلّه كم من معقَل للإسلام قد هدموه، وكم من حِصن له قد قلعوا أساسه وخرّبوه، وكم من عَلَم له قد طمسوه، وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه، وكم ضربوا بمعاول الشُّبه في أصول غراسه ليقلعوها، وكم عَمُّوا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبليّة، ولا يزال يطرقه من شبههم سَرِيَّةُ بعد سريّة، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون ( ألا إنهم هُم المفسدون ولكن لايشعرون ) وقال الله تعالى ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا )
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة "
وعن عبد الله بن كعب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" مثل المؤمن كالخامة من الزرع، تفيؤها الريح مرة وتعدلها مرة، ومثل المنافق كالأرزة، لا تزال حتى يكون انجعافها مرّة واحدة "
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن أخوف ما أخاف على أمتي كلّ منافق عليم اللسان "
وعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من سفر، فلما كان قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الراكب، فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" بعثت هذه الريح لموت منافق ! فلما قدم المدينةَ فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات "
خوف السّلف من النفاق :
عن حذيفة رضي الله عنه قال: دُعي عمر لجنازة فخرج فيها أو يريدها، فتعلّقتُ به فقلتُ: أجلس يا أمير المؤمنين، فإنّه من أولئك ـ أي: من المنافقين ـ، فقال: نشدتك الله، أنا منهم؟ قال: لا، ولا أبرئ أحدا بعدك .
وقال ابن أبي مليكة: أدركتُ ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل .
صفات المنافقين في الكتاب والسنة :
قال ابن القيم : لكل منهم وجهان: وجه يلقى به المؤمنين، ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين، وله لسانان: أحدهما يقبله بظاهره المسلمون، والآخر يترجم به عن سرّه المكنون .
أيضاً من صفاتهم التفريق بين المؤمنين والدّسّ والوقيعة وإشعال نار الفتنة واستغلال الخلافات وتوسيع شقّتها والإفساد في الأرض وادعاء الإصلاح .
التّذبذب والتردّد بين المؤمنين والكافرين ،قال الله تعالى ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء )
الإفساد بين المؤمنين ،قال الله تعالى ( لو خرجوا فيكم مازادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليمٌ بالظالمين )
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر "
البذاء والبيان ،عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" الحياء والعِيّ شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق "
موقف المسلم من المنافقين :
عدم طاعتهم :
قال الله تعالى ( يا أيها النبي إتق الله ولا تُطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيما )
سبل الوقاية من النفاق :
الإتصاف بصفات أهل الإيمان وترك صفات أهل النفاق .
الجهاد في سبيل الله .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من مات ولم يغز ولم يحدّث به نفسه مات على شعبة من نفاق "
كثرة ذكر الله تعالى .
الدعاء .
عن جبير بن نفير قال : دخلت على أبي الدرداء منزله بحمص، فإذا هو قائم يصلي في مسجده، فلما جلس يتشهد جعل يتعوذ بالله من النفاق، فلما انصرف قلت: غفر الله لك يا أبا الدرداء، ما أنت والنفاق؟ قال: اللهم غفرًا ـ ثلاثا ـ، من يأمن البلاء؟! من يأمن البلاء؟! والله إن الرجل ليفتتن في ساعة فينقلب عن دينه.
حبّ الأنصار .
عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار .
حب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وحبّ بني هاشم .
قال ابن تيمية : قال بعض السلف: حبّ أبي بكر وعمر إيمان، وبغضهما نفاق، وحبّ بنى هاشم إيمان، وبغضهم نفاق .
الإتصاف التام بالصدق في الأمر كله .
قال ابن تيمية : الصفة الفارقة بين المؤمن والمنافق هو الصدق، فإن أساس النفاق الذي بني عليه الكذب .
ترك البدع والحدث في الدين .
قال ابن تيمية : البدع مظانّ النفاق، كما أنّ السنن شعائر الإيمان .
البعد عن سماع الغناء .
وسماع الغناء في الأصل محرم، ومع ذلك فإنه يؤثّر النفاق في القلب ،قال ابن مسعود رضي الله عنه : الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل .
قال ابن القيم : وهذا كلام عارفٍ بأثر الغناء وثمرته، فإنه ما اعتاده أحد إلا نافق قلبه وهو لا يشعر، ولو عرف حقيقة النفاق وغايته لأبصره في قلبه، فإنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن إلا طردت إحداهما الأخرى، وقد شاهدنا نحن وغيرنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه، وتبرمهم به، وصياحهم بالقارئ إذا طوّل عليهم، وعدم انتفاع قلوبهم بما يقرؤه، فلا تتحرك ولا تطرب ولا تهيج منها بواعث الطلب، فإذا جاء قرآن الشيطان فلا إله إلا الله كيف تخشع منهم الأصوات، وتهدأ الحركات، وتسكن القلوب وتطمئنّ، ويقع البكاء والوجد، والحركة الظاهرة والباطنة، والسماحة بالأثمان والثياب، وطيب السهر، وتمني طول الليل، فإن لم يكن هذا نفاقا فهو آخية النفاق وأساسه .
وقال أيضاً : فإن أساس النفاق أن يخالف الظاهر الباطن، وصاحب الغناء بين أمرين؛ إما أن يتهتك فيكون فاجرا، أو يظهر النسك فيكون منافقا، فإنه يظهر الرغبة في الله والدار الآخرة، وقلبه يغلي بالشهوات، ومحبة ما يكرهه الله ورسوله من أصوات المعازف وآلات اللهو، وما يدعو إليه الغناء ويهيّجه، فقلبه بذلك معمور، وهو من محبة ما يحبه الله ورسوله وكراهة ما يكرهه قفر، وهذا محض النفاق .
الشاهد من هذا الموضوع أن الخيانة والكذب والغدر والفجور من علامات المنافق ، كما أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :" أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر "
وهي علامات تدل على مدى إنحطاط المنافق في أخلاقه ، فهو غير صادق مع نفسه ، غير صادق مع من يعامله من الناس ، ولعل سبب تسمية النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأخلاق نفاقا ، هو أن صاحبها يشبه أهل النفاق في إظهار خلاف ما يبطن ، فهو يدعي الصدق وهو يعلم أنه كاذب ، ويدعي الأمانة وهو يعلم أنه خائن ، ويدعي المحافظة على العهد وهو غادر به ، ويرمي خصومه بالافتراءات وهو يعلم أنه فاجر فيها ، فأخلاقه كلها مبنية على التدليس والخداع ، ويخشى على من كانت هذه حاله أن يبتلى بالنفاق الأكبر ، ذلك أن النفاق العملي - وإن كان من جملة الذنوب التي لا تخرج العبد من الملة - إلا أنه إذا استحكم بالعبد وحوَّل سلوكه إلى حالة من الخداع والتلون المستمر ، فربما بلغ به إلى معاملة ربه بما يعامل به خلقه ، فينزع من قلبه الإيمان ويبدله نفاقاً ، عقوبة منه وزجراً ، قال تعالى ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) لهذا كان الصحابة من أشدِّ الناس حرصاً وأعظمهم بعداً عن هذه الأخلاق خشية أن يشملهم ذلك الوصف المشين ، ويذكر عن الحسن قوله عن النفاق : ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق . وقال إبراهيم التيمي : ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا .
هذا هو النفاق العملي ، وهذه هي أخطاره ، فهو يقضي على الروابط الاجتماعية الصادقة ، ويدير دفة العلاقات العامة على بوصلة الخداع والتلبيس والغش والكذب ، فتنعدم الثقة بين الناس ، وتنحسر المودة في تعاملاتهم ، ويسود الحذر والحيطة بل والشك والريبة لتحل محل الثقة والأمانة ، وقد انتشرت تلك الأخلاق السيئة انتشاراً عظيما ، حتى قال الحسن البصري رحمه الله : لو كان للمنافقين أذناب لضاقت بكم الطرق . ، وهذا قاله في زمنه زمن التابعين فكيف لو رأى زماننا ماذا سوف يقول ؟؟؟؟
أسأل الله لي ولكم الهداية وأن يبعدنا عن النفاق والكذب والخيانة وأن يكفينا كيد الخائنين المنافقين الكاذبين .
الإثنين ديسمبر 01, 2014 4:10 am من طرف heba suleiman
» ماجستير إدارة العلاقات العامة المهني المصغر 1 – 10 مارس 2014 م - كوالالمبور - ماليزيا
الأحد ديسمبر 29, 2013 5:42 am من طرف heba suleiman
» فوائــــــــــــــــد الشاي الاخضـــــــــــــــر
الثلاثاء مارس 01, 2011 12:07 pm من طرف ابن السنة
» علاج سرعة القذف ، القذف المبكر ، القذف السريع
الثلاثاء مارس 01, 2011 11:36 am من طرف ابن السنة
» أختي المسلمة :
الخميس فبراير 17, 2011 9:40 am من طرف huda
» الشكـــــــر
الثلاثاء فبراير 15, 2011 12:22 pm من طرف huda
» يارب اصلح نياتنا وسرائرنا
الثلاثاء فبراير 15, 2011 12:17 pm من طرف huda
» أخــــــــــتاه لماذا تبكين؟
الثلاثاء فبراير 15, 2011 9:28 am من طرف huda
» زلـــة لســـــآن ..تفقـــدك إنســــآن
الثلاثاء فبراير 15, 2011 9:20 am من طرف huda